الثلاثاء، 13 يناير 2009

الوعي جهاد..

الوعي جهاد .. مقولة سمعتها من الدكتور محمد عمارة .. كانت مبهمة بالنسبة إلي بعض الشيء حين سمعتها للمرة الأولى .. ولكن الآن مع ما تمر به الأمة من أحداث وما يظهر على السطح من فتن .. بدأت أفهم تلك المقولة .. فعلا الوعي جهاد ..أن تتلمس طريقك وسط الظلام الحالك .. أن تبحث عن الحقيقة في خضم الأكاذيب .. أن تحاول ألا تساق مع القطيع و تكون رأيا محترما تمهيدا لأن تتخذ بالتالي موقفا محترما .. فعلا جهاد .. أن تسلك الطريق الصعب و تبحث عن الحقيقة وتترك مقعدك الدافئ مع الجالسين بأفواه مفغورة أمام البيت بيتك وأمثاله من وسائل الإعلام الموجهة الفجة ينتظرون ما يملى عليهم من أفكار ..

أن تزن بعد ذلك ما تصل إليه من حقائق بميزان رب العباد لتتبين الغث من السمين .. لتصل أخيرا إلى الحقيقة وتتشبث بها في قوة خوفا من أن تفتن مرة أخرى ..

******

في مكة المكرمة .. قبل الهجرة النبوية ..

"فاصدع بما تؤمر و أعرض عن المشركين" الرسول صلى الله عليه وسلم يجهر بدعوته .. ويعلن كلمة لا إله إلا الله على الملأ لأول مرة ..

ومع هذا الإعلان تبدأ سلسلة لا تنتهي من التضحيات والإحتمال والصبر في سبيل الدعوة .. الصحابة رضوان الله عليهم يتعرضون للتعذيب .. ويستشهد منهم الكثير .. حتى الرسول صلى الله عليه وسلم يتعرض للإيذاء من كفار قريش .. ويضطهد المسلمون و يحاصروا ويزيد عليهم الإيذاء..

و في وسط كل ذلك تتوالى على الرسول صلى الله عليه وسلم العروض من الكفار بإبرام معاهدات منها ما يقتضي أن يعطوه ما يأمر به من مال وسيادة وملك عليهم ومنها ما ينطوي على تهديدات .. وفي كل الحالات كان صلى الله عليه وسلم يرفض ويثبت على موقفه .. لم يجاريهم بحجة رفع الظلم و التعذيب عن الصحابة الذين كانوا يعلمون منذ أن اختاروا هذا الطريق ما فيه من الصعوبات و التضحيات .. ولم يمتثل لشروطهم بحجة أن المسلمين كانوا ضعفاء وقتها ويحتاجون لوقت ليصيروا أقوى .. لم يكن من الممكن الدخول في معاهدات مع الكفار وقتها فقد كان المسلمون في موقف ضعف مما يجبرهم على التنازل إذا قبلوا بالدخول في معاهدة مع الكفار..

متى إذن قام الرسول صلى الله عليه و سلم بعمل معاهدات معهم ؟؟… حدث ذلك بعد غزوة الأحزاب .. أي بعد ما هزم المسلمون الكفار شر هزيمة وكانوا في موقف القوة .. حينها فقط سلك صلى الله عليه و سلم طريق المعاهدات وهو قادر على إملاء شروطه .. وقادر على التنازل عن بعض الحقوق ولكن بإرادته ..

في غزوة بدر …

كان المسلمون أقل بكثير من الكفار في العدد والعتاد .. و لكنهم مع أخذهم بالأسباب وبذلهم أقصى ما في وسعهم وطاعتهم للرسول صلى الله عليه و سلم و توكلهم على الله و يقينهم في نصره .. نصرهم الله تعالى ورفع كلمتهم .. وأمدهم بالملائكة يثبتونهم ويطمئنون قلوبهم .. ولئلا يظن ظان أن ذلك النصر أتى بمعجزة وبالتالي لا يمكن أن يحدث معنا الآن لأن زمن المعجزات قد انتهى .. وضح لنا سبحانه أن النصر جاء بتوفيق منه تعالى لما رآه في المسلمين من قوة واستبسال وقتها، فجعل النصر على أيديهم لا على أيدي الملائكة

"بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين.. وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم"

******

أتفهم أن يسعى البعض للسلطة في بلاد تعيش حالة من السلم كبلادنا .. لما توفره لهم من مزايا .. مال و جاه وقصور ومنتجعات والأكثر من ذلك تريحهم من زحمة السير في شوارعنا المكتظة .. فلا يأخذ منهم صلاح سالم سوى دقائق قليلة ..

أما أن يسعى أحد للسلطة في بلد كفلسطين وهو يعلم ما يحمله له تولي تلك السلطة من مسؤوليات وصعوبات لا تنتهي .. ويعلم أن ثباته عى الحق في موقعه في السلطة يجعل حياته وحياة أسرته مهددة طوال الوقت .. من يعلم كل تلك الصعوبات وغيرها كثير ويظل متمسكا بالسلطة وثابتا على الحق فهو إذن لا يريد السلطة كغاية وإنما يريدها كوسيلة لمواجهة الإحتلال والعدوان ومقاومته بكل ما يملك من وسائل وإن كانت ضعيفة بالمقارنة مع امكانيات العدو –في مقاييس البشر- … إذن فهو وأمثاله يستحقون منا كل الإحترام والحب..

******

"ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين.. إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين.. وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين .. أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين"

على قدر ما نتألم لسقوط الشهداء على قدر ما نغبطهم لإختيار الله لهم ليسبقوا ويكونوا من أهل الجنة بإذن الله .. ونستبشر بقرب النصر بإذن الله .. فالنصر غال ولا يأتي إلا بالتضحيات ودماء الشهداء ..

فمصر لم تتحرر من الإستعمار إلا بعد أن دفعت ثمنا غاليا من دماء ابنائها .. والجزائر بلد المليون شهيد أيضا وبلاد أخرى كثيرة .. فلماذا إذن نستغرب من إخواننا أنهم يقاومون ويسلكون الطريق الطبيعي الذي تسلكه الشعوب ثمنا لحريتها .. ونحن نعرف يقينا أن اسرائيل لا تصلح معها المعاهدات والإتفاقات وجربناها كثيرا ..

ثم ما البديل عن المقاومة؟؟ أن نرضى بالحصار ونرضخ لشروط العدو ؟؟

تقولون أن مقاومة حماس تسببت في تلك الحرب ؟؟ وأين كانت حماس منذ عام 48 .. أين كانت صواريخها حينما ارتكبت اسرائيل مذبحة دير ياسين .. وصابرا وشاتيلا .. ومذبحة جنين .. وغيرهم وغيرهم .. هل كانت حماس وقتها تطلق الصواريخ ؟؟

ثم ماذا جنينا من موائد المفاوضات المنصوبة منذ سنين طويلة غير الذل والتنازل .. أنعود إليها مرة أخرى ؟؟؟؟

كنا ننتقد الغرب لأنه لا يعترف بحقنا في المقاومة ويتهم المقاومين بالإرهاب .. والآن أصبحنا مثلهم ..

******

يسخرون من صواريخ و إمكانات المقاومة المتواضعة !!! ومن أين يتزودون بأسلحة قوية تحت ذلك الحصار الظالم ؟؟؟

"والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم .. سخر الله منهم"

******

"و ما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين.. وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا .. قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم .. هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان .. يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم و الله أعلم بما يكتمون.. الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا .. قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين"

******

"و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون"

******

"و لنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين "

"لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا و إن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور"

******

"منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة"

******

قاطعوا .. وادعوا واقنتوا .. وابحثوا واقرأوا لتصلوا إلى الحقائق .. ولا تدخروا جهدا ..

واستبشروا خيرا ..

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

kj dk

رابطة هويتي اسلامية يقول...

شارك معنا في حوارنا
غزة في قلب مدون
مع المهندس : الحسيني لزومي
الحوار موجود علي الرابطة شارك معنا في الحوار
كن إيجابيا وحاول المشاركة في إنشاء بلوجر فعال
حوارنا مستمر مع المهندس
متي دخلت سجل تعليقك بسؤالك أو إستفسارك بالنسبة للمهندس
مع تحيات
رابطة هويتي إسلامية

غير معرف يقول...

"الوعي جهاد .. مقولة سمعتها من الدكتور محمد عمارة .. كانت مبهمة بالنسبة إلي بعض الشيء حين سمعتها للمرة الأولى .. ولكن الآن مع ما تمر به الأمة من أحداث وما يظهر على السطح من فتن .. بدأت أفهم تلك المقولة .. فعلا الوعي جهاد ..أن تتلمس طريقك وسط الظلام الحالك .. أن تبحث عن الحقيقة في خضم الأكاذيب .. أن تحاول ألا تساق مع القطيع و تكون رأيا محترما تمهيدا لأن تتخذ بالتالي موقفا محترما .. فعلا جهاد .. أن تسلك الطريق الصعب و تبحث عن الحقيقة وتترك مقعدك الدافئ مع الجالسين بأفواه مفغورة أمام البيت بيتك وأمثاله من وسائل الإعلام الموجهة الفجة ينتظرون ما يملى عليهم من أفكار ..
أن تزن بعد ذلك ما تصل إليه من حقائق بميزان رب العباد لتتبين الغث من السمين .. لتصل أخيرا إلى الحقيقة وتتشبث بها في قوة خوفا من أن تفتن مرة أخرى .."

منذ خمس سنوات ونصف العام تقريبا - ومن قبل أن يُفكِّر في الثورة مُفَكِّر - ولازالت الكلمات طازجة كأني أقرأها اليوم لأول مرة.. إلا أني ما عُدتُ أراجعها الأن إلا لأني أحفظها منذ قرأتها أول مرة.. جزاكِ الله خيرا وثبَّتنا وإياكم على الحق..