الثلاثاء، 22 مارس 2011

الفستان الأبيض



طفلة صغيرة كنت .. حينما أعطوني شمعة طويلة - في مثل طولي تقريبا – لونها أبيض ومزينة بالورود واللآلئ الصغيرة .. وأوقفوني في صف أنا وأختي وإبنة خالي لكي نسير بجانب العروس وعريسها في الزفة ..

كنت وكأنني أعيش حلما .. لم أكن أصدق أنني أحمل الشمعة وأسير بجانب عروس حقيقية ترتدي فستانا أبيضا منفوشا .. وأوصلها إلى باب القاعة .. كنت أحس أنن أؤدي عملا عظيما ..

كنت –وكأي طفلة – أنظر للعروس في زفافها وكأنها كائن أسطوري، وليست إنسانة طبيعية مثلنا .. لربما تكون قريبة لي أو أعرفها وأتعامل معها في الحياة الطبيعية، ولكن في ذلك اليوم هي كائن آخر .. كائن ساحر .. لربما كان هذا الفستان الذي ترتديه من صنع تلك الساحرة الطيبة التي صنعت لسندريللا فستانها .. ولربما ستتحول تلك الدبابيس اللامعة في شعرها إلى عصافير ملونة بعد منتصف الليل .. أما حذاءها فهو بالتأكيد الوسيلة التي سيتمكن بها عريسها أن يصل إليها إذا حدث وهربت لأي سبب ..

أما اليوم .. أجلس أنا أمام المرآة في غرفتي في ذلك الفندق بعد أن ارتديت فستاني الأبيض .. وأسلم رأسي للكوافيرة وهي تنسق لي حجابي وطرحة زفافي .. أنظر إلى المرآة .. وأنا أذكر تلك الطفلة التي كنتها .. والتي بعد لم تصدق أنها اليوم ستكون هي ذلك الكائن الأسطوري ..

أتأمل فستاني الأبيض المطرز بالزهور واللآلئ .. وحجابي الذي فضلت أن يكون طرحة كبيرة كما أرتدي عادة .. وتاج الورود البيضاء الملائكي الذي اخترت أن أرتديه اليوم .. ووجهي الخالي من الأصباغ .. فأراني ذات الطفلة التي كانت تحلم أن تتزوج .. لا لشيء إلا لكي ترتدي كما ترتدي العرائس.

وفي هذا اليوم تحقق الحلم .. ارتديت الفستان الأبيض وحملت الورود وسرت أنا وأنت في الزفة وذراعي في ذراعك .. ورأيت الفرحة في عيون أمي وأبي وأخوتي وأحبتي .. وجلسنا جنبا إلى جنب في الكوشة .. كان يوما ساحرا .. حقق الله لي فيه دعوات كثيرة دعوت بها قبلا .. وأنعم علي نعما لا تحصى ..

إلا أن الهدية الكبيرة التي منحها الله لي في ذلك اليوم .. والتي لازلت أحمده عليها كل يوم .. ليست الفستان الأبيض ولا الورود ولا الزفة ولا الكوشة ولا غيرهم .. وإنما تلك الهدية هي .. أنت