الجمعة، 11 يوليو 2008

إغتيال شجرة


كانت شجرة جميلة أوي .. كانت أجمل شجرة في شارعنا ..
و كنت بحبها أوي ..
كنت ساعات كتير ببص على أعلى ورقة موجودة فيها فوق بعيد .. و أقول لنفسي ياترى اللي عايز ياخد الورقة دي يوصلها إزاي .. مش عارفة ليه الخاطرة دي بالذات اللي كانت بتيجي في تفكيري لما أبص للشجرة..
ماما قالتلي إن الشجرة دي عمرها من عمر بيتنا .. أول ما بدأوا يبنوا البيت من أكتر من ثلاثين سنة زرعوها ..
وبعدها بسنين لما ماما و بابا بنوا الدور التات في البيت عشان نسكن فيه .. كانت الشجرة كبرت و وصلت للدور التالت ..
كنت بحب ألعب معاها وأنا صغيرة .. كان في فروع منها داخلة جوة البلكونة ..و كنت ساعات بقطع ورق منها عشان ألعب بيه و أعمله أكل لعرايسي.. بس أكيد ماكنتش بتزعل مني ، ولا إيه؟؟...
على جذع الشجرة دي كانت القطط بتطلع ساعات لبلكونة جدتي في الدور الأول عشان يستخبوا تحت الكنبة عندها .. و كان في قطة مرة طلعت عليها و خبت قططها الصغنونة تحت الكنبة .. و كنت أنا و سارة أختي بنحبهم أوي و بنأكلهم و بنلعب معاهم (رغم إعتراض الأهل) .. كانوا حلوين أي .. و مامتهم كانت بتنزل كل يوم على جذع الشجرة .. و ترجعلهم تاني بعد رحلة البحث عن رزقها طول النهار.. أكيد بتبقى مطمنة عليهم و هم معانا..
و لما كبرت شوية كنت بحب ساعات أتكلم معاها .. أو أحكي أي حاجة عايزة أقولها .. و كانوا اخواتي بيتريقوا عليه .. بس أنا كنت برتاح أوي لما بكلمها .. كنت بكلمها كأنها واحدة كبيرة و خبيرة في الحياة و البشر .. أينعم ماكنتش بسمع منها رد .. بس كنت برتاحلها
و أجمل حاجة فيها إني لما إتحجبت ما كنتش بضطر ألبس حجابي و أنا داخلة البلكونة .. لأنها كانت واخدة نص البلكونة تقريبا في حضنها و كانت مخبياها عن الشارع و الجيران ..
كنت بحب أقف في ركن البلكونة و الهوا كان بيحركها و ورقها يقرب مني و يلمس وشي و يرجع تاني ..
كانت جميلة أوي ..
الشتا اللي قبل اللي فات مرة الدنيا بدأت تمطر و أنا طبعا طلعت علطول على البلكونة عشان أشوف المطرة و لقيت شجرتي شكلها جميل أوي , و الهوا بيحركها جامد و أوراقها بتخبط في بعضها و تعمل صوت جميل .. دخلت بسرعة جبت الكاميرا بتاعتي و صورتها فيديو ..
بس للأسف معجبنيش و قتها و مسحته على أمل إني هصور واحد تاني أحلى منه .. و مكنتش عارفة وقتها إني مش هلحق أعمل كدة و إن نهايتها قربت ..
بعدها بوقت قليل سافرت الحمد لله أعمل عمرة .. و أنا راجعة في المطار كنت مبسوطة الحمد لله إني عملت عمرة و إني راجعة لأهلي و بيتي ..
وفي المطار كان أخويا و أختي بيستقبلونا .. و أخويا قالنا و احنا بنركب العربية " مش هتعرفوا البيت لما نوصل، البيت اتغير تماما" و لما سألنا ليه قالنا .. "الشجرة اللي قدام البيت البلدية شالتها" مصدقتش نفسي ... معقولة الشجرة بتاعتنا قطعوها ؟؟؟ طب ليه؟؟ دي كانت طيبة و كانت حتى بتظلل على الناس و هم ماشيين .. و لما وصلنا البيت و لأول مرة شفت بيتنا عاري و لقيت الشجرة مش موجودة .. و لقيت شوية خشب مرميين على جانب الطريق ..
عيطت عليها كتير و زعلت أوي ..
البلدية شالتها لأن جذورها كانت عميقة و لفت على المواسير بتاعة المية و الصرف .. طيب ليه يشيلوها كلها ميشيلوا بس الجذور اللي لفة على المواسير ويسيبو الباقي و بس يقلموا الشجرة بما يتناسب مع حجم الجذور اللي باقية .. مش عارفة ليه عملوا كدة و إزاي جالهم قلب يقطعوا شجرة عمرها عشرات السنين من جذورها خالص ..
ساعتها عرفت طريقة ممكن نوصل بيها لأعلى ورقة على الشجرة .. إننا ننزلها لينا على الأرض بدل ما نطلعلها فوق ..
و كانت أول مرة مرة أدخل فيها البلكونة و هي مش موجودة صعبة أوي .. حسيت بفراغ كبير أوي..شفت حاجات كتير كان وجودها مخبيها عني .. شفت بلكونات جيراننا و المطبات اللي في الشارع ..
بس كان في ناس رأيها إن كدة الشارع كأنه وسع بعد ما الشجرة إتشالت !!
و بعد فترة .. نزلت أنا و ماما جبنا شجرة زيها بس لسة صغنونة خالص و زرعناها في مكان الشجرة القديم .. مش مكانها بالضبط .. عشان مندايقش المواسير .. بس لسه قدامها كتير أوي على ما تكبر و تبقى زي الشجرة القديمة .. يمكن ساعتها يكون عندنا ولاد صغيرين بيلعبوا معاها و يحبوها زي ماحبينا مامتها
بس لسة لما بخرج البلكونة و ألاقي الفراغ الكبير اللي الشجرة سابتهولنا ..و لما بركب العربية و ألاقيها سخنة أوي من الشمس اللي واقفة فيها طول النهار.. و لما بضطر كل ما أخرج البلكونة ألبس الإسدال.. بفتكرها و أقول في نفسي الله يرحمك يا شجرة..