الأربعاء، 6 يناير 2010

تكنولوجيا




تريد أن تقص على زوجها بعضا من أخبارها .. وتسأله عن أحواله، وتطمئن عليه في غربته ..

تجلس إلى طاولتها الصغيرة وتبدأ في الكتابة .. تبالغ في تحسين خطها، وفي منع تلك الرعشة في يديها التي تعرف يقينا أنها ستنقل إليه ارتباكها ..

تكتب وتكتب .. ثم تقرأ ما كتبت .. ثم تتردد، فتمزق الورقة وتبدأ من جديد .. فتكتب وتكتب، ثم تقرأ وتمزق ..

إلى أن تقرر أنه لا مجال للتردد .. فتكتب بصراحة كل ما تريد قوله، وكل ما تخجل من البوح به وجها لوجه ..

تعطر الخطاب بعطرها المفضل لديه، ثم تطويه بعناية وتضعه داخل المظروف .. وتلعق طرفه لتغلقه، ثم تكتب العنوان الذي تحفظه عن ظهر قلب ..

ترتدي ملابسها تأهبا للخروج، تعيد النظر في المرآة مرات عديدة وكأنها ستقابله .. وتضع الخطاب بحرص في جيبها وتنزل إلى الشارع ..

الجو بارد فعلا .. تضع يديها في جيوبها لتستمد الدفء من معطفها ومن الخطاب بداخله ..

تصل لصندوق البريد فتخرج الخطاب، وتهمس إليه بسر ما . ثم تلقيه في الصندوق وترحل وهي تفكر في شيء يشغلها في الأيام القادمة حتى يصلها الرد ..

في كل يوم كانت تسأل أهل بيتها عن خطاب لها .. إلى أن تلقت الرد بعد إنتظار دام لأيام وليال طويلة ..

******

تريد أن تقص على زوجها بعضا من أخبارها .. وتسأله عن أحواله، وتطمئن عليه في غربته ..

تجلس إلى طاولتها الصغيرة وتبدأ في الكتابة .. تمضي بعض الوقت في اختيار اللون الذي ستكتب به وحجم الخط وشكل الصفحة ..

تكتب وتكتب .. ثم تقرأ ما كتبت .. ثم تتردد، فتمسح ما كتبت وتبدأ من جديد .. فتكتب وتكتب، ثم تقرأ وتمسح ..

إلى أن تقرر أنه لا مجال للتردد .. فتكتب بصراحة كل ما تريد قوله، وكل ما تخجل من البوح به وجها لوجه ..
ثم .. تستجمع شجاعتها وتضغط زر الإرسال .. وفقط ..

تفكر أنها لن تستطيع الإنتظار حتى يفتح بريده الإلكتروني بالصدفة ليقرأ ما أرسلت .. فتخرج هاتفها المحمول وترسل له رسالة لتطلب من قراءة الرسالة ..

وما هي إلا دقائق لا تصل إلى الساعة حتى تصلها رسالة منه على هاتفها تنبئها بوصول الرد ..