الثلاثاء، 12 أغسطس 2008

بعيش .. و بفتكر


بدءا من الشهر القادم ان شاء الله سأبدأ أجازة طويلة .. فترة نقاهة _إن جاز التعبير_ تمهيدا لانتقالي الى عملي الجديد...

بداخلي مشاعر كثيرة متضاربة .. حزينة، و سعيدة.. قلقة من التغيير, و متشوقة للتجديد .. بداخلي شجن و حزن على فراق زملائي .. و شغف للقاء زملائي الجدد ...

دائما ما تعتريني تلك المشاعر في المواقف المماثلة .. و أحس بالشخصيتين المتضادتين بداخلي في صراع ... ياسمين التي اعتادت التعلق بالأشخاص و الأماكن و الأشياء و حبهم لدرجة أن يصبحوا جزءا من حياتها و يصعب عليها فراقهم .. و البدء من جديد ..

و ياسمين الملولة .. المحبة للتغيير و التعرف على أماكن جديدة و أناس جدد..

و لكنني احاول أن أكون أكثر واقعية و عملية بعد مروري بتلك التجربة كثيرا ...

فقد تنقلت بين ثلاث مدارس و ثلاث دول ثم الجامعة .. و بعدها التحقت بعملي الأول ثم الثاني و أخيرا سأنتقل الشهر القادم ان شاء الله الى عملي الثالث .. و خلال تلك الرحلة قابلت الكثيرين "أشخاص و أشياء" و احببتهم و تعلقت بهم .. بعضهم أصبح مجرد اسم في مذكراتي ابتسم في شجن حين اقرأه .. و الباقين و لله الحمد مازلوا معي..

و مع اني فعلا لا أحب الفراق .. و لكني أحب البدايات الجديدة .. أحب احساس اني س "أفتح صفحة جديدة" أو س "أبدأ على نضيف"

سأتعرف على أناس جدد .. لربما أبدأ معهم بالنسخة المعدلة من شخصيتي ..نسخة أتخلص فيها من عيوب لازمتني قبلا .. و أضيف عليها مميزات افتقدتها ..

و لكن مع ذلك لن أنسى المكان القديم .. و سأحاول زيارته .. و بذلك ستزيد قائمة الأماكن التي أشتاق لزيارتها واحدا .. و ستزيد فرصتي في الإستمتاع باسترجاع الذكريات ..

لن أنسى حينما قمت العام الماضي بزيارة مدرستي القديمة في السعودية -أنا و سارة أختي حبيبتي- بعد فراق دام 12 عاما "عن المدرسة مش سارة" .. يومها اصررت أن نترجل من التاكسي عند مكان بيتنا القديم لأمشي نفس الطريق الذي كنت أمشيه من 18 سنة لمدة ست سنوات .. كنت كالمسحورة . لم أصدق أن هذا المكان مازال موجودا على وجه الأرض .. أحسست أنه مجرد ذكرى في خيالي ..و لكن المكان ظل كما هو .. مع تعديلات بسيطة .. بعض المتاجر تغير اسمها و بعضها تغير نشاطها ..

بالتأكيد ظن صاحب هذا المتجر أنني مجنونة حين دخلت و أخذت أجيل بصري في أنحاء متجره حيت كنا نبتاع "حاجات حلوة" في طريقنا للمدرسة .. أخذت أنظر حولي و كأنني وجدت كنزا وهو ينظر إلي في تعجب .. و ربما شفقة ..

و حين وقفت أمام المدرسة كان أول ما جال بخاطري "هي صغرت كده ليه" و كان الجواب المنطقي "انت اللي كبرتي"

دخلت المدرسة كالمشدوهة "يعني ايه مشدوهة؟" و أخذت أطالع جدرانها و فصولها .. ولم استطع كبح جماح دموعي .. و تعجبت كثيرا أن كل شيئ كما كان .. و فرحت بذلك .. حتى مديرة المدرسة ظلت موجودة لم تتغير ..

كان تجربة جميلة و ممتعة .. و لكنني أحسست وقتها أن الحياة سارت بي كثيرا و لكنها مازلت متوقفة في مكانها في مدرستي لم تتحرك قيد أنملة..
أحيانا أحس أنني شديدة التمسك بذكرياتي .. و احتفظ بالكثير من الأشياء خوفا من ان تضيع ذكرياتها .. و حتى لا تصبح تلك الذكريات مجرد خواطر تمر على مر الكرام .. بل تصبح أشياء ملموسة أراها أو ألمسها أو أشتمها فأتذكر الحدث الذي صاحبها ..
أوراق قديمة ..
جداول مذاكرة بالية ...
كشاكيل .. صور ..
زجاجات عطور فارغة .. أشياء كثيرة تحتل حيزا كبيرا في خزانة ملابسي و أدراج مكتبي و قلبي ... ربما أكثر من أشيائي الجديدة ..
أحيانا أحس بنفسي و بالناس حولي نحاول التشبث بالذكرى أكثر مما نستمتع باللحظة .. ففي أي مناسبة أرى الكثيرين و أنا منهم يهتمون جدا بالتقاط الصور لكل لحظة .. متغافلين بذلك عن الإستمتاع باللحظة التي يعيشونها ....
لربما هو خوف من الا يكون لديهم ذكريات تؤنسهم في المستقبل ... و لربما يظنون أن ما سيجنوه من سعادة أثناء استرجاعهم لما عايشوه من ذكريات ستكون أكثر من السعادة التي سيجنوها من الإستمتاع بالواقع ... أو ربما يريدون مشاركة شخص ما الإستمتاع بتلك اللحظات في وقت آخر..
لا أدري و لكنني كلما أخرجت أشيائي القديمة .. و كلما قرأت شيئا من مذكراتي .. تثير في مشاعر جميلة و ابتسم و اتذكر أشياء و تفاصيل كثيرة غابت عني قي زحام الحياه ..
حينما قرأت من فترة قصيرة جزء من مذكراتي في أيامي الأخيرة قبل التخرج .. و كانت معي حبيبتي و أختي ف الله نهى .. و أخذنا نتذكر تلك الأيام بما حملته من سعادة و توتر أعصاب بسبب المشروع , و خروج و عمل ... كنا سعداء جدا لاستعادة تلك الذكريات سويا .. و ضحكنا كثيرا على مواقف مرت منذ سنتين تقريبا .. و قتها عرفت أن الاحتفاظ بالذكريات و التعلق بها فعلا شيئ جميل .. و الأجمل أن تستعيدها في وجود شخص تحبه .. و وقتها أيضا قررت أنني سأستمر في الحفاظ على ذكرياتي .. و لكني لن أنشغل بذلك عن عيش اللحظة ...
و عندما أحس بالوحدة .. أو الملل .. أو الحزن ... سأخرج كنزي الصغير من مخبئه
أوراق قديمة ..
جداول مذاكرة بالية ...
كشاكيل .. صور ..
زجاجات عطور فارغة ..و أشياء كثيرة ..
و أعود ...