الأحد، 14 ديسمبر 2008

GTG



متى تغيرنا هكذا ؟

اكتشفت فجأة أن علاقتنا التي كانت مثار إعجاب و حسد الكثيرين حولنا، تحولت إلى ذلك الخليط من الكلمات العربية و الإنجليزية، و الحروف و الإختصارات ..

اكتتشفت أن ابتسامتي التي كانت تنير حياتك كما اعتدت أن تقول، تحولت إلى مجرد مجموعة من الأقواس و النقاط ..

اكتشفت أن حتى ضحكتي السعيدة العالية تحولت إلى مجرد .. lol

منذ متى و نحن كذلك ؟؟

منذ متى تحول ابننا الذي كنا في غاية السعادة بقدومه إلى مجرد تقارير يومية، و ربما أسبوعية أرسلها إليك .. اليوم أكل جيداَ، اليوم ضحك لأبيك، و بكى حين حملته أمك .. و بالأمس نطق أولى أحرفه ...

أتدري .. بالأمس شاهدت في التلفاز زهرة تنمو أمامي في ثوان، و تتحول من برعم صغير إلى زهرة ناضجة متفتحة ..

أتعرف ماذا يفعلون .. انهم يلتقطون صورة لها في كل مرحلة، ثم يعرضون لنا الصور متتالية .. فنرى ما يحدث سريعا و لا نهتم بتفاصيل كل مرحلة .. تماما مثلما أفعل معك بالصور التي أرسلها إليك لإبننا ...

لا أتذكر متى اعتدنا تلك العلاقة ..

متى اعتدت أن أجلس يوميا إلى الحاسب .. و أظل أكتب و أكتب إليك .. و أقرأ ما تكتبه ..

لا أدري متى اعتدت أن أعبر عن مشاعري بتلك الوجوه الموجودة على برنامج المحادثة ..

متى اعتدت أن أرسل إليك هذا الوجه المبتسم .. أو هذا الوجه الحزين، أو حتى هذا الوجه الباكي ...

لا أذكر حتى متى بدأت أرسل إليك بعض الوجوه بتعبيرات لا أحس بها ..

بدأت أرسل إليك الوجه الضاحك على دعابات لا تضحكني ..

و أرسل إليك الوجه الحزين على أخبار لا تعنيني ..

فبصراحة .. لم يعد ما تقوله - أسفة - ما تكتبه يعنيني ...

فقدت فضولي لمعرفة أخبارك .. و فقدت حماسي لأحكي لك أخباري ..

لم أعد أحتمل أن تتحول حياتي و ذكرياتي و مشاعري إلى مجموعة من الأصفار و الوحايد ..
و أأسف حقا لأخبرك أنني فعلا GTG right now

السبت، 13 ديسمبر 2008

فوبيا



هل هو خوف من الفراق .. أم خوف من عدم القدرة على التراجع؟؟

لربما يكون خوف من المجهول .. أم هو مجرد خوف من الأماكن المرتفعة و الأماكن المغلقة؟؟

مع أنني اعتدت ركوب الطائرات في صغري نظرا لسفر والديَ المتكرر.. و لكن أعراض الفوبيا بدأت في الظهور معي مؤخرا..

بالتحديد، في العام قبل الماضي.. عندما ذهبت أنا و أمي الى أبي في السعودية لآداء العمرة ..

و برغم سعادتي الكبيرة بذلك .. و لكنني وقتها لم استطع التغلب على تلك الأعراض التي بدأت في الظهور بمجرد ركوبي الطائرة ..

و ازدادت جدا بمجرد أنت رأيت المضيفة تهم باغلاق باب الطائرة..

وقتها .. تذكرت ما كنت أفعله في رحلات المدرسة و الكلية الى مدن الملاهي .. كنت أركب مع أصدقائي اللعبة .. و أحاول التغلب على خوفي ..

و لكن بمجرد أن يبدأ العامل المسؤول عن اللعبة في غلق الكراسي استعدادا لبدئها ..

كنت أتراجع آخر لحظة و أنزل منها، و اكتفي بمراقبة أصدقائي .. و حراسة حقائبهم كما أدعي..

و لكن الآن .. لا مجال للتراجع .. و بالطبع الطائرة مختلفة عن ألعاب الملاهي ... سأبقى معلقة في الجو لساعات ..
أنا حتى لا أقو على مجرد التخيل ...
*****
-1-

القاهرة - جدة

بدأت الطائرة تتحرك و تزيد من سرعتها تمهيدا للإقلاع .. و بدأت خوفي يتزايد معها ... بدأت أرتجف، و أحسست بدقات قلبي تتسارع ويدي تبرد .. و بدأت أتنفس بصعوبة..

اكتشفت أمي وقتها أن هناك مشكلة فعلا،و ليس مجرد خوف عادي ..

بدأت تحاول تهدئتي .. بلا فائدة ..

و بعد الإقلاع انكمشت في مقعدي أكثر و أكثر .. و قامت أمي لتسأل المضيفين عن امكانية احضار مهدئ لي ..

بدأت الكثير من الخواطر تراودني وقتها .. لكم تمنيت أن أنام وقتها حتى لا أحس بالخوف .. تذكرت الآية "إذ يغشيكم النعاس أمنة منه " ياااه أحسست فعلا كم عظيمة تلك النعمة .. أن ينزل الله على أحد النعاس فيأخذه من خوفه و ألمه إلى الراحة و الطمأنينة و الهدوء .. كم تمنيت تلك النعمة في ذلك الوقت .. و لكنني كنت كلما أغلقت عيني رأيتني و أنا معلقة بين السماء و الأرض، فأفتحهما سريعا ..

تذكرت وقتها كم كان صعبا علي أن أخلص نيتي بأنني مسافرة فقط لأداء العمرة، و ليس للتسوق أو الخروج أو زيارة أماكن كثيرة اشتقت اليها بعد فراق لأعوام طويل (كنت في صغري أعيش في مكة) ... و لكن الآن، و مع ما ألاقيه من صعوبة أيقنت أنه لاشيء من تلك الأشياء يستحق أن أحتمل من أجله هذا العناء إلا زيارة بيت الله الحرام و مدينة رسوله .. فكان من السهل علي تجديد نيتي في تلك اللحظات..

كانت لحظات صعبة فعلا .. وكلما قلت لنفسي "هانت و قربنا نوصل" أتذكر أنه مازالت هناك طائرة أخرى داخلية من جدة لنسافر لأبي ..

بعد أن جائني المضيف بالمهدئ و بدأت أهدأ قليلا .. قمت من مكاني و بدأت أتمشى في الطائرة .. و ارتحت فعلا أثناء تمشيتي، ووجدت أن هناك مكان مخصص للصلاة في الطائرة (كنت مسافرة على الخطوط السعودية) فتوضأت و صليت ركعتين .. كان الإحساس مختلف فعلا، و لكنني كلما سجدت و تخيلت أنني أسجد على الهواء يراودني الخوف مرة أخرى فأرفع من السجود ..

و أخيرا استقريت في الخلف مع المضيفات .. كن من أحد بلدان جنوب شرق آسيا و تعرفت عليهن، و أخذن يقنعنني بأن الطائرة والسفر جوا شيءُ ممتع... و حاولن اقناعي بالنظر من النافذة .. و لكن بلا جدوى ..

و لما قلقت علي أمي و قامت لترى أين ذهبت كان الناس يشيرون إليها "مشيت من هنا" إلى أن تصل إلي .. :-)))

و مع قلقي الشديد من الهبوط و لكنني و لله الحمد لم أعاني فيه كما عانيت في الصعود .. و مر على خير

وصلنا أخيرا مطار جدة، و فرحت الحمد لله بالوصول .. ولكن فرح مشوب بقلق من الطائرة القادمة ..

*****
-2-
جدة - الجوف

الفترة التي تفصل بين الطائرتين في مطار جدة ...

كنت سعيدة بعودتي إلى الأرض .. و لكنني أعرف أنه مازالت هناك رحلة أخرى .. و لكنني بقيت على هدوئي و ثقتي بأن الرحلة القادمة ستكون أسهل بإذن الله .. كنا بعد المغرب تقريبا، و لأول مرة خلال ذلك اليوم أكلت قليلا ..
قبل معاد الطائرة بقليل، بدأ القلق مرة أخرى ..

  • إهئ إهئ إهئ ... ماما مش عاوزة أركب الطيارة

  • إنت مش صغيرة يا ياسمين، و بعدين داحنا ان شاء الله هنوصل في أقل من ساعة، كلي بس و ارتاحي و ان شاء الله هتكوني كويسة..

بدأت أذرع المطار جيئة و ذهابا للتخفيف من التوتر الذي أحس به، و اتصلت بسارة أختي في مصر ...



  • سارة انت دعتيلي في الطيارة الأولانية؟؟

  • أيوة يا ياسمين ..

  • طيب ادعيلي دلوقتي جامد، و ابقي اتوضي، شكلك كدة ماكنتيش متوضية و انت بتدعي الأول..

  • حاضر .. متخافيش

  • أنا مش عاوزة دعاء عادي .. عاوزة ابتهالات .

"على السادة ركاب الرحلة رقم كذا المتجهة إلى الجوف التوجه لبوابة الخروج .."


ما إن ركبنا الطائرة حتى بدأت أتكلم أتكلم أتكلم بلا انقطاع .. قصصت على أمي حكايات كثيرة، لم أكن أسمح لها بأن تقاطعني.. لم أكن أملك الأعصاب الهادئة لأسمع كنت أريد أن أتكلم و حسب لأبعد تركيزي عما أمر به ... أثناء صعود الطائرة تشبثت -بيدي المثلجتين- بيديها و استمريت في الكلام .. يتخلله "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " و جملة أخرى أخذت أكررها "أنا مش خايفة أنا مش خايفة .."


كان خوفي و لله الحمد أقل من الذي أحسست به في الطائرة السابقة .. و على الأقل كنت قادرة على التحكم به..

و بعد أقل من ساعة و صلنا بالسلامة الحمد لله ..

ياااه كان أصعب يوم مر علي في حياتي ...عندما نزلت إلى الأرض قاومت رغبتي في النزول لاحتضانها .. و رغبتي الشديدة في الحبو لأحس بها من تحتي تبثني أمانا ..

أصبحت الجوف من أحب البلاد إلى قلبي فعلا، مع أن أبي لا يحبها ..
ربما لأنها ارتبطت في ذهنه بالغربة و الفراق، و لكنها أصبحت تعني لي الأمان و الوصول بعد طول عناء ...
اللهم لك الحمد .. كلما تذكرت هذا اليوم أحسست أكثر بنعمة الله علينا بالأمان .. تعلمت فعلا في ذلك اليوم قيمة تلك النعمة، و قسوة فقدها...

*****
-3-
الجوف - تبوك - المدينة


في طريقنا إلى المطار ... بدأ صديق أبي الذي يتولى توصيلنا إلى هناك الحديث مع أبي لقضاء الوقت إلى أن نصل إلى المطار ..

و بدأ في الحديث عن الطائرة التي سنستقلها .. و بدأ حديثا غريبا " انتو هتفضلوا قد إيه في تبوك؟" تبوك؟؟؟ و لماذا سنذهب إلى تبوك ؟؟ نحن ذاهبون إلى المدينة !! ألم يخبره أبي أننا ذاهبون إلى المدينة؟؟!!

و بدأت ألاحظ إشارات أبي إليه -و التي حاول أن يخفيها عني- بأن يصمت، و صاحبه لا يلاحظ و مستمر في الكلام ليفضح السر الذي حاول والديَ إخفاؤه عني ... ليس هناك طائرة متجهة مباشرة إلى المدينة، سنضطر إلى ركوب طائرتين ...

غير صديق أبي الحديث إلى موضوع آخر .. بدأ يحكي لأبي عن زوجة صديقهما التي تعاني من رهاب الطائرات، و التي تسببت في أن يرفض زوجها فرصة عمل ممتازة في دبي لأنها لا تستطيع السفر بالطائرة، و في دبي لن يستطيعوا السفر عن طريق البر كما يفعلون هنا في السعودية ...

استمر أبي محاولاته غير المجدية لتغيير دفة الحوار، و صاحبه لا يلاحظ كل ذلك، و لكن تلك الحكاية عن زوجة صاحبهما لم تزد من خوفي كما اعتقد أبويَ، بل بالعكس لقد زادتني ثقة، فأنا بفضل الله لم أفعل مثل تلك الزوجة.. و لكنني واجهت مخاوفي و إن شاء الله سأحاول التغلب عليها ..

لم أفعل مثلها و أوقف حياتي بسبب بعض المخاوف، و لم أفعل مثل لاعب الكرة الذي حكى لي عنه أخي أحمد .. و الذي يعاني من رهاب الطائرات هو الآخر، و يستقل القطار للترحال، و الذي أعرب عن فرحه بعدم وصول فريق بلاده إلى كأس العالم في كوريا و اليابان لأنه لم يكن ينوي السفر مع فريقه لخوفه من ركوب الطائرة ..

أنا ذاهبة إلى مدينة رسول الله ... و أنا أعلم أنني مثقلة بالذنوب، لربما يريد الله أن يطهرني منها في الطريق لأكون جديرة بما أنعم الله به علي من زيارة لمدينة رسوله، و لبيته الحرام ... وسلام على شهداء أحد ... وشرب من ماء زمزم .. و صلاة في حجر إسماعيل .. و استلام للحجر الأسود ...
يالله ... سأحاول أن أتغلب على تلك المخاوف ... اللهم أعني و ثبتني و اربط على قلبي ...
باختصار ... في الطائرة الأولى خفت و تشبثت -بيدي المثلجتين- بيد أمي كالعادة ... و لكن انحصرت مظاهر خوفي في يدي الباردتين و دقات قلبي المتسارعة و فقط .. و حاولت وأد أي أعراض أخرى تجاهد في الظهور -كما حدث في الطائرة الأولى-
و طبعا لم اتخلى عن ذلك الذكر "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " مع بالطبع " أنا مش خايفة .."

أما في الطائرة الأخرى .. فلم أصدق ما حدث ... أحسست و كأنني أركب سيارة .. لم يتغلب علي الخوف كما حدث في المرات السابقة ..و استجاب الله لدعواتي .. و دعوات أهلي و أخواتي _كنت قد راسلتهن أثناء وجودي في الجوف و طلبت منهن الدعاء-
و كان تعليق أمي ... " المرة دي إيديكي دافية أوييي .."

و هو شيء لم يتكرر في أي رحلة أخرى إلى الآن ...

اللهم لك الحمد ...

*****

-4-

جدة - القاهرة


ذهبت إلى المطار و كلي ثقة في أنني بفضل الله "إتغيرت" و أن تلك المرة مختلفة ..

  • لو سمحت ... هي الطيارة دي مفيهاش تلفيزيون ليه زي إللي ركبناهم قبل كدة؟"

  • لااا أصل دي طيارة قديمة ... مفيهاش الحاجات دي ..

  • إيه ؟؟ قديمة، يعني حالتها كويسة و للا إيه ؟؟؟

  • آه طبعا .. كويسة جدا و كمان ....
قاطعه صوت الإذاعة الدخلية " السادة الركاب الرجاء إخلاء الطائرة، و ذلك لوجود عطل فني بها .. " :-)))
  • واضح فعلا إن حالتها كويسة .. :-)))
بقينا في المطار لعدة ساعات، إلى أن نادوا علينا مرة أخرى لإستقلال الطائرة ...
  • لوسمحت ... هي دي نفس الطائرة إللي كان فيها العطل و صلحتوها .. و للا طائرة جديدة؟؟

  • لأ نفس الطائرة و صلحنا العطل ..

  • فعلا؟؟ ..........

كان مكاني و أمي بالداخل بجانب النافذة .. و أنا طبعا لا أجلس بجانب النافذة .. و أفضل الجلوس بجانب الممر .. لا أدري لماذا و لكنني أحس بأمان أكثر، و أيضا لرغبتي في أن أذرع الطائرة جيئة و ذهابا "عشان أفك شوية"

المهم .. جاء صاحب المقعد المجاور للممر .. و كانت قدمه مكسورة فرفض أن أجلس مكانه لأنه يريد أن يمد قدمه المكسورة في الممر بجانبه ..

و بالتالي كان الحل أن أستبدل مقعدي بالمقعد أمامه مباشرة -بدلا من أن أجلس في المنتصف بينه و بين أمي-، و لم يمانع صاحبه .. و بالمرة لتستريح أمي مني قليلا ...

جلست بجانب ولد و أخته .. و الحمد لله لم أخف مثل المرات الأولى .. و بصراحة "اتكسفت أخاف قدام ناس معرفهمش" و كنت قد أحضرت بعض الأشياء معي لأسلي نفسي و أبتعد عن التركيز فيما أنا فيه .. و بدأت في حل لعبة سودوكو .. و كنت كل فترة أسأل الولد بجانبي " لوسمحت .. هو احنا لسة فوق البحر ؟؟ طيب ممكن تقولي لما نعدي ... شكرا " ثم أنتظر قليلا و أسأله مرة أخرى ..

إلى أن أخبرني بأننا "خلاص عدينا البحر .." الحمد لله
و لأول مرة، تناولت الطعام في الطائرة .. و كالعادة قمت لأتمشى قليلا .. و كنت أجلس في الدور الأعلى -كانت تلك هي المرة الأولى التي أكتشف فيها أن هناك طائرات من دورين- فكنت أنزل و أصعد لتمضية الوقت ...

و عندما نادت البنت بجانب النافذة أخاها لينظر معها من النافذة ليرى القاهرة .. تجرأت و نظرت معهم "يااه ده الموضوع طلع بسيط .. أمال أنا كنت بخاف ليه !!"
و ما إن رأيت القاهرة ... و الدخان المتصاعد منها كمصنع قديم متهالك ... و الكراكيب فوق الأسطح ... و العمارات المرصوصة في غير نظام ... و الإشارات المزدحمة المليئة بأضواء الفرامل الحمراء للسيارات المتوقفة ... حتى أحسست براحة غريبة ...

يااااااااااااااه HOME SWEET HOME

الحمد لله الحمد لله الحمد لله ... مرت الرحلة بسلام ... اللهم تقبل منا، و لا تحرمنا زيارة بيتك مرة أخرى ..

*****
-5-

القاهرة - جدة - القاهرة


الحمد لله استجاب لي الله و انعم علي بعدها بأقل من سنة بالسفر لأداء الحج ...


في تلك المرة، أخذت احتياطات مختلفة .. كل مصر تقريبا كانت منهمكة في الدعاء لي بالثبات و الطمأنينة ..


جددت نيتي .. سأتحمل ذلك الخوف في سبيل تأديتة فريضة الحج و زيارة بيت الله الحرام ...


قررت أنني سأصلي في الطائرة في المكان المخصص لذلك .. صلاة فوق السحاب .. احساس مختلف ..


و لكن يبدو أنها أصبحت فكرة مستهلكة .. فكل الناس كانوا يقفون في طوابير للصلاة .. فلم أستطع أن أصلي غير ركعتين فقط..


وكانت سارة معنا في تلك الرحلة .. و جلست هي بجانبي ... و صدمت من برودة يدي أثناء الصعود و الهبوط


ووصلنا بالسلامة و لله الحمد...


و الحمد لله .. لم يكن هناك سفر داخلي .. فأبي كان قد انتقل إلى جامعة الطائف .. و هي قريبة إلى مكة و جدة..


و طريق العودة أيضا كان يسيرا و لله الحمد ...


اللهم تقبل منا، و لا تحرمنا زيارة بيتك مرة أخرى ..


*****

ماذا تغير بداخلي ؟؟

أصبح الوضع الذي وصلت إليه ... هو أن أخاف قليلا، و أحاول تشتيت تركيزي عن هذا الخوف لئلا يتمكن مني ..
فقط تبرد أطرافي قليلا و تتسارع دقات قلبي ... و في كل مرة أفكر في شيء مختلف يمكن أن أفعله لأتغلب على ذلك الخوف البسيط ..
و ذلك بالطبع بجانب الذكر .. و الدعاء.. و طبعا التوكل و تفويض أمري إلى الله .. مع دعاء من يدعون لي بظهر الغيب .. كان فعلا بيفرق معايا..

تغيرت طريقتي في مخاطبة نفسي ...


في المرة الأولى :

  • أنا خايفة ...

  • ده إنت طلعتي جبانة أوي ...

  • ....

  • اعترفي إنك جبانة ... بس عاملة فيها ست المؤمنة ... و رايحة المسجد و جاية من المسجد .. و لما جاء الموقف إللي هتباني فيه.. طلعتي أي كلام ...

  • آه صح أنا جبانة أوييييييييييي

  • أنا خايفة .. إهئ إهئ إهئ

في المرة الأخيرة:



  • أنا خايفة ...

  • لأ يا ياسمينا إنت مش خايفة و لا حاجة .. ده إنت بتحبي الطيارة ...

  • أيوة صح أنا بحب الطيارة ...

  • فاكرة آخر مرة ركبت الطيارة كنت شاطرة إزاي .. خفتي شوية صغيريين بس .. و المرة دي مش هتخافي إن شاء الله

  • هيييييييييه .. أنا مش خايفة أنا مش خايفة أنا مش خايفة ..

تغيرت فكرتي عن الألم النفسي .. لطالما ظننت أنه بسيط و سهل و يمكن التغلب عليه بسهوله .. و لكن اكتشفت أنه مؤلم فعلا و صعب .. و أنه لا مخرج منه إلا بيقين قوي و توفيق من الله سبحانه و تعالى ..


عرفت قيمة الدعاء بظهر الغيب و أحسست به فعلا ... أتذكر أنني في احدى المرات استوقفت بنت و أمها في المطار قبل أن أركب الطائرة و طلبت منهما أن تدعوان لي، و أحسست فعلا أن دعاءهما أحدث فرقا، و بالطبع دعاء أخواتي و أهلي .. جزاهم الله عني خيرا..


ذقت طعما مختلفا للدعاء .. الدعاء و أنا في قمة خوفي و أنا أعلم يقينا أنه ليس لي سوى الله .. و أنه وحده قادر أن يحفظني و يثبتني و يربط على قلبي، دعوت وقتها بأشياء كثيرة لي و لمن أحب .. اللهم استجب


علمت أن الخوف أو الألم النفسي عامة مرهق .. مرهق فعلا، كنت أحس بعد نزولي من الطائرة أنني قد انتهيت توا من تسلق جبل أو من ركض لمدة طويل .. احساس إني فعلا "مدغدغة" ..


كانت تجربة صعبة .. و لكن و لله الحمد خرجت منها بأشياء كثيرة .. و أحاسيس جميلة .. أجملها احساس أنني قد تغلبت على شيء من مخاوفي بفضل الله ..


اللهم تقبل منا، و لا تحرمنا زيارة بيتك مرة أخرى .. اللهم آمين


* بعد عودتنا إلى مصر بشهور .. عرفت من أمي بالصدفة أن الدواء الذي أخذته ليس مهدئا و إنا هو اسبرين عادي، و أخبرتني أنها طلبت من المضيف تقديمه لي كأنه مهدئ عندما أخبروها أنه ليس لديهم مهدئ في الطائرة .. و فعلا أخذته على أنه مهدئ .. و فعلا .. هديت :-)))

السبت، 6 ديسمبر 2008

في خير يوم طلعت عليه الشمس ...

لا تنسوني من صالح دعائكم ..