الأحد، 7 يونيو 2009

أرجوحة ..


تسير في خطوات واسعة لا تخفي سعادتها .. فأخيرا ستذهب إلى المراجيح بعدة مدة طويلة - تعدت الشهر- منذ آخر مرة ذهبت إليها ..

تمني نفسها بأرجوحة جميلة خالية تظل عليها لفترة طويلة، وبصداقات جديدة بريئة مع الأطفال هناك ..
وما إن وصلت إلى مكان المراجيح، حتى فوجئت بالزحام هناك .. أطفال كثر يركبون المراجيح، وأطفال أكثر ينتظرون دورهم .. حينها تذكرت أن الأطفال في المرحلة الإبتدائية قد انتهوا من امتحانات آخر العام ..
لم يكن أمامها إلا الإنتظار .. وقفت في صمت تنتظر دورها .. على أمل أن يمل أحد الأطفال فينزل من على أرجوحته لتركب هي ..
تحاول اخفاء بعض من سني عمرها التي تتعدى العشرين خلف إبتسامتها الطفولية .. وتحاول تجاهل النظرات الفضولية التي تستغرب إنتظار من هي بسنها مع الأطفال لركوب المراجيح ..
تذكرت وقت أن كانت تتحجج برغبة أي من أطفال عائلتها في ركوب المراجيح لتأخذهم إليها .. لتمرجحهم وتتمرجح هي الأخرى ..
ولكن الآن كبر الأطفال ولم تعد المراجيح تثير إهتمامهم، وبقيت هي على حبها للمراجيح .. فأصبحت تذهب وحدها ..

ينزل أحد الأطفال من على أرجوحته .. فتمشي في تؤدة نحوها، متصنعة عدم الإهتمام .. ولكن بالطبع يركض الأطفال فيسبقونها إليها .. فتعود إلى الإنتظار مرة أخرى ..
إلى أن نزل طفل آخر من على أرجوحته، ولحسن الحظ كانت قريبة منها، فركبتها ..
لم تستطع إخفاء سعادتها وهي تتشبث بيديها بجانبي الأرجوحة .. وتأخذ بضع خطوات للخلف وهي بعد واقفة .. ثم ترفع نفسها لتجلس على الأرجوحة وترفع قدميها من على الأرض ..
تبدأ في التأرجح في بطئ بتأثير تلك الدفعة الأولى .. ثم تبدأ في "التعويم" -الذي تجيده- لتزيد من سرعتها ..
حينما تصعد بالأرجوحة إلى الأمام .. تميل بجسدها إلى الأمام، وتدفع بساقيها إلى الأمام ..
وحينما تصعد بالأرجوحة إلى الخلف .. تميل بجسدها إلى الخلف، وتثني ساقيها إلى الخلف ..
تظل مستمرة إلى أن تصل إلى أقصى سرعة .. فتتوقف عن التعويم، وتظل أرجوحتها على صعودها وهبوطها ..
وما إن تحس أنها قاربت على الوقوف، حتى تعود إلى التعويم مرة أخرى لتستكمل تحليقها ..
تستمتع بإحساس أنها تحلق .. إحساس أنها عادت طفلة مرة أخرى ..
وفي كل مرة تصعد بالأرجوحة إلى الأمام تمد ساقيها أكثر وهي ترى السماء أمامها وكأنها تحاول الوصل إليها .. ثم تأخذها الأرجوحة إلى الخلف ..
ثم تصعد مرة أخرى، وتظن أن هذه هي المرة التي ستلمس فيها السماء .. ثم تأخذها الأرجوحة إلى الخلف ..
ثم تصعد مرة أخرى .. ويعاودها الأمل في الوصول .. تمد ساقيها.. ثم تأخذها الأرجوحة إلى الخلف ..
تظل تصعد .. وتظل على أملها ..
وتظل الأرجوحة تأخذها إلى الخلف ..
************
بعد فترة تهدأ قليلا وتترك الأرجوحة تبطئ من سرعتها .. هي تعلم أن هذا التصرف يبعث الأمل في نفوس الأطفال الذين ينتظرون دورهم .. ولكنها تحتاج لبعض الهدوء ..
تظل تتأرجح في هدوء .. وتلمس الأرض بقدميها .. ترسم بمقدمة حذائها دوائر صغيرة على حبات الرمال .. ترفع رأسها لترى الأطفال حولها ..
تفكر أنه لو كان معها أحد يدفع أرجوحتها مثل هذه الطفلة ذات الضفائر .. فلن تحتاج أن ترهق نفسها بالتعويم .. ولكن هل كانت ستستمتع فعلا ؟؟ ..
تفكر أنها لو كانت صغيرة مثل هذا الطفل .. كانت ستقف مثله على الأرجوحة بدلا من الجلوس عليها .. ولكن هل الوقوف ممتع فعلا؟؟ ..
لاحظت تلك النظرة المترددة في عيني الطفلة على الأرجوحة بجانبها .. إبتسمت لها وسألتها على إسمها .. وعرفتها بنفسها .. خطوات بسيطة وبريئة تصبحان بعدها صديقتين .. إبتسامة وسؤال عن الإسم وفقط ..
طلبت منها الطفلة أن تعلمها كيف "تعوَم" .. فهي تظن أنها قد أصبحت كبيرة بما فيه الكفاية لتعتمد على نفسها .. ولا تحتاج لأحد ليدفع لها أرجوحتها ..
فتبدأ مرة أخرى .. تشرح للطفلة وهي تعود إلى زيادة سرعة أرجوحتها ..
تظلان على الأرجوحة وتزيدان من سرعتيهما .. تزداد سعادتها وهي تسمع ضحكات الطفلة فرحة بما تعلمته ..
ظلت في تحليقها إلى أن وقفت تلك الأم أمامها ومعها طفلها .. هي اعتادت أن يقف الأطفال أمامها ينتظرون دورهم .. ولكنها كانت تأخذ وقتها قبل أن تترك الأرجوحة لأحدهم ..

ولكن هذه المرة تختلف .. فالطفل آخذ في البكاء .. أو "الزن" بمعنى أصح ..
وأمه تحاول إسكاته .. لم يكن من الممكن تجاهله ..
وبعد لحظات من الصراع الداخلي .. لمست الأرض بقدميها لتوقف أرجوحتها .. وودعت صديقتها الجديدة .. وأشارت إلى الأم التي جاءت مسرعة ليركب إبنها ..

نزلت من على الأرجوحة وعلى وجهها بقايا إبتسامة ..
وسارت مبتعدة في ثقة .. متجاهلة ذات النظرات الفضولية ..

هناك 10 تعليقات:

منى جبر يقول...

انا مبسوطه انى اول واحده اعلق ...
بجد يا ياسمين نفسى اروح المراجيح فكرتينى بايام زمان ...
انا اكتر حاجه كنت بحبها فى المرجيحه ان بعد ما بتكون فوق بنط جامد ... ياه كانت لحظات حلوه

وما الحياه الا رساله يقول...

اولا حمد لله على السلامه بقالكأكثر من شهر مكتبتيش
ياريت تواظبى على الكتابه أسبوعيا
ثانيا يا ستى تعالى وانا اسلفك أحمد ابن أختى تروحى بيه المراجيح وتبقى خدمه عظيمه لاختى مادام بتفرحى قوى كده هناك
بس بجد أحاسيس جميله قوى واسترجاعها أجمل

ياسمين نعمان يقول...

منمن .. وأنا مبسوطة والله إنك بتعلقي عندي .. لو عايزة أوديكي المراجيح قوليلي، بس بلاش موضوع النط من فوق ده :-)))

وما الحياة إلا رسالة ..
والله فرحت إنك متابعاني .. جزاك الله خيرا على التشجيع .. هحاول أكتب أكتر :-))
وماشي يا ستي ضبطيلي مع أحمد بس بشرط لو المراجيح زحمة هركب أنا الأول :-))
ربنا يكرمك .. وشكرا على تعليقك و متابعتك

SHEREEN SAMY يقول...

ياسمينا بحب كتاباتك اوى :)
احاسيسك حلوة و اسلوبك.....
استمرى يا سمسمة و انا متابعاكى :))

غير معرف يقول...

ياسمينا دي تاني مره بس ادخل علي مدونتك الجميله دي وأول مره هاعلق فيها لأن المره الاولي كانت مبهره بالنسبالي وقعدت اقرأ تدوينات قديمه وتدوينات جديده واستغرقت في القراءه جدا جدا واسلوبك لمسني من جوه فعلا ماشاء الله لا قوة الا بالله فنسيت التعليق ....التدوينةرائعه جدا ولمستني جدا
فاطمه الزهراء

غير معرف يقول...

ياسمين ماشاء الله لا قوة الا بالله التدوينه جميله فكرتينى بايام زمان اما كنت بروح مع امى للمراجيح وكل اما تقول يلا اقول اخر واحده يا ماما :)
اسلوبك رائع ومبسوطه انى لي اخت مثلك
احبك فالله

دعـاء عـلى يقول...

سمسمتى (:
المرجيحه دى مفرد اساسى من مفردات طفوله ناس كتير على اختلاف تفاصيلهم
دايما ذكرى جميله فى حياه اى حد
انا بعشق المرجيحه زيك بالظبط و الموضوع ده له حكايه من طفولتى ناويه احكيها ان شاء الله
تدوينه جميله زيك بالظبط (:
و عارفه انى متأخره جدا فى الرد لكن سامحينى لانى مكنتش بدخل بلوجر خالص
فى انتظار التدوينه الجايه (:

دعـاء عـلى يقول...

نسيت اقولك ان عندنا مرجيحه فوق السطوح
كانت هديه عيد ميلادى من بابا لما كان عندى عشر سنين و كانت احلى هديه فى حياتى كلها و لحد دلوقتى لسه بعشقها
ابقى تعالى بقى نورينا واتمرجحى عندنا براحتك (:

دعـاء عـلى يقول...

كل سنه و انت طيبه يا ياسمينتى (:
كل عام و انتى الى الله أقرب
فينك ؟

sab7al5air يقول...

يعني ابقا امشي بي مزاج اطوطح "اتمرجح" ولا يهمك يا بت انا بتهايا لي لو بقا عندي خمسين سنه حاشبط واصر اني اطلع علي المرجيحه بنقول عليها الطوطحانيه في السودان علي العموم بجد البوست ده عجبني و المدونه حلوه حابقا اتابعها ان شا الله
بس انت ابقي زورينا
وكل سنه وانت طيبه يا ياسمين