الاثنين، 24 يناير 2011

حنين

تقضي يومها في ترقب .. فغدا ميعاد السفر، وكالعادة، مرت الأجازة الصيفية هذا العام سريعا .. وغدا سيعودون إلى حيث يعمل أبويها، وإلى حيث توجد مدرستها هي وأختها وأخيها ..

اعتادوا أن يقضوا شهور الاجازة الصيفية سنويا في مصر، بين أهلها وجيرانها، الذين تشتاق إليهم كثيرا ..

هي لا تكره السفر، فلها هناك أيضا أصدقاء وحياة جميلة، ولكنها تحب الحياة في وطنها، وسرعان ما تعتادها وتألفها في شهور الصيف القليلة .. قبل أن تفارقها مرة أخرى ..

تحب اجتماع العائلة، واللعب مع أقاربها، وتحب شارعها وجيرانها .. تحب ذكرياتها هنا، كما تشتاق أيضا لحياتها هناك .. وكلما أتت إلى هنا، سافرت ومعها الكثير والكثير من الذكريات والصور التي تظل معها إلى أن تعود في الصيف التالي ..

تجلس في غرفتها بعد العصر، في أشعة الضوء المتسللة من بين ضلفتي الشيش الموارب لترسم مساحة مضيئة على أرضية الغرفة .. وترى الذرات الذهبية التي تسبح في هدوء في هذه الأشعة .. وتتذكر كيف كانت هذه الغرفة الهادئة المرتبة، والتي تغطي الأغطية السميكة أثاثها لتحافظ عليه في مغيبهم، مفعمة بالحياة والصخب .. هنا كانت تجلس مع أختها وابنة خالها لساعات يطعمون عرائسهن ويمشطون لهن شعورهن، ويتظاهرن أنهن أمهات ناضجات .. وفي هذه الغرفة كانوا يطفئون الأنوار ويختبئن في الظلام ويكتمن أنفاسهن، ثم تبحن عنهن احداهن، ويكتمن الضحكات وهن يسمعنها تتعثر وتقوم .. إلى أن تمسك بواحدة منهن ليكون دورها في البحث ..

تتذكر لعبها اليومي مع أطفال الجيران .. المنديل، وكهربا .. والسباق بالدراجات حول بيوتهم ..

وتتذكر بدايات تعلمها ركوب الدراجة، دراجة أخيها الصفراء الصغيرة التي كانت تتعلم عليها .. في البداية كانت تستخدم السنادات من الجانبين، ثم أزالت واحدة وأبقت الأخرى لتعود نفسها على الاستغناء عنهم تماما .. وبعد محاولات عديدة، ومرات كثيرة من السقوط .. ومساعدات والديها في الإمساك بها أثناء محاولاتها، استطاعت أخيرا أن تسير بالدراجة وحدها ..


تتذكر الأيام التي كانت تقضيها عند عمتها، ولعبها مع أبناء وبنات عمها .. وسفرها معهم إلى الاسكندرية أو مرسى مطروح لقضاء الوقت بين نزول البحر والتمشية وركوب الدراجات ..

تتذكر الياسمينة التي زرعتها جدتها في حديقة منزلهم، والتي صعدت حتى وصلت إلى شرفة منزلهم في الدور الثالث .. وشجرة الجوافة التي زرعها جدها –رحمه الله- في الحديقة، والتي كانت تقوم هي وأخوتها وأولاد خالها بقطف ثمارها سويا وتناولها ..

ذكريات .. ذكريات .. ذكريات .. كلها ستضاف إلى ذكريات أخرى تحملها عن وطنها لتؤنسها في غربتها .. إلى أن تعود في الصيف المقبل .. لتحيا تلك الحياة التي تحبها من جديد ..

غدا ستسافر مئات الأميال إلى حيث حياتها ومدرستها وأصدقائها وهي تحمل معها كنزا من الذكريات والحكايات الجميلة .. وهي لا تدري أن بعد عدة سنين، ستصبح حياتها في تلك المدينة البعيدة مجرد ذكريات تحن إليها هي الأخرى وتتمنى زيارتها ..

هناك تعليقان (2):

Maram Alhawagri يقول...

مدونة جميلة يا ياسمين...
تذكرني بالحنين الذي لا يضل طريقه أبداً إلى قلبي،يداعب فكري ووجداني بأحلى ذكريات حياتي.مدرستي،عائلتي،أصحابي وألعابي وأجازة الصيف في مصر و و و.....وكل تفصيلة في ذكريات الماضي تجعلني أتمني و أدندن أغنية فيروز...طيري يا طيارة طيري يا ورق وخيطان.. نفسي أرجع بنت صغيرة على سطح الجيران.... :) 

غير معرف يقول...

من المؤكد ان قوه العاطفه من قوه الذكريات
تحياتى لك.