لماذا أكتب؟

توقفت عن الكتابة منذ فترة ليست بالقصيرة ..

وعندما كنت أسأل أحيانا عن الأسباب، كنت أتحجج بانشغالي بخطبتي وبالتحضير لزواجي ..

ولكن حقيقة ليس هذا هو السبب وحده ..

ولكن السبب هي فكرة كثيرا ما تراودني حول الغرض الذي أكتب من أجله ..

هل يكفي مجرد إحساسي بالراحة والسعادة عندما أكتب حينما أريد أن أكتب، وحينما أريد أن أعبر عن شيء أحسست به ..

هل يكفي استمتاعي بالحكي حينما تلح علي فكرة ما فأحكي عنها .. حتى ولو كانت حكاية بلا هدف ؟؟

فكرة ما كانت تلح علي وقتها .. بأن الجمال لا يكفي هدفا أو غاية .. وإنما هو وسيلة لتجميل فكرة ما وتوصيلها بطريقة جذابة .. ولا يصلح وحده ليقوم عليه عمل بكامله ..

تلك الفكرة كانت تلح علي كلما كتبت شيئا لا أرى هدفا من وراءه .. ولكني فقط أراه جميلا ويصف حالة مررت بها أو شعورا جميلا راودني ..

ولكن كانت هناك فكرة أخرى تحركني وتؤثر في بقوة أكثر .. هي الفكرة التي بدأت معها الكتابة، وإلى الآن لازلت مقتنعة بها إلى حد كبير ..

فكرة أنه لا يجب أن يكون هناك هدف واضح أو فكرة مباشرة أريد توصيلها من خلال كتاباتي .. وإنما يمكن أن أكتب لمجرد أن ما أكتب -كما أظن- يمثل شيئا جميلا ..

أولا يكفي الجمال كقيمة هدفا لما أكتب؟؟ كمن يرسم لوحة جميلة، لا تحمل في خطوطها وألوانها قيمة ما .. ولكن يكفي ما تحمله من جمال .. يكفي أن يستمتع بها من يراها .. يكفي أن تسمو بذوق من يتأملها ..

دعونا ننظر للموضوع من الزاوية الأخرى .. ألسنا نستاء جدا حاليا من تدني أذواق الناس واستمتاعهم بنوعية غريبة وشاذة من الفن -إن جاز تسميته فنا - ؟؟.. أولسنا نشكو كثيرا من القبح المنتشر حولنا في كل شيء؟؟

لم لا تصبح مهمتنا الحالية السمو بأذواق الناس ونشر قيمة الجمال بيننا، كل في مجاله .. لنرى أنواع متعددة وأشكال مختلفة من الفن تنتشر في مجتمعنا لنقضي بها على ذلك القبح ..

لماذا نحاول لي أعناق كل عمل فني لنقحم فيه قيمة ما غصبا .. فالرواية يجب أن تكون هادفة، والأغنية هادفة، واللوحات هادفة .. وكأنها إذا كانت جميلة وفقط تكون غير ذات قيمة!!

والغريب أننا نفعل ذلك ظنا منا أن ديننا يأمرنا بذلك .. فعلا ديننا يأمرنا بأن يكون لكل عمل نعمله هدف ونية طيبة من وراءه .. ولكن لماذا لا نعتبر الجمال والسمو بأذواق الناس من حولنا نية .. أنا أظن أنها نية سامية .. فالإسلام يعلمنا التأمل في بديع صنع الله من حولنا والإستمتاع بما خلق لنا من جمال ..والآيات كثيرة تأمر بذلك .. لنصل إليه في النهاية .. إلى البديع .. مبدع هذا الجمال ..

لربما يتفق البعض مع هذا الفكر أو ذاك .. ولكن ما توصلت إليه أخيرا أنني لن أقيد رغبتي في الكتابة بفلسفات مختلفة ..

كل ما سأفعل أنني سأترك لها العنان لتكتب وتفكر كما تريد .. بلا قيود ..

لربما يخرج منها مرة شيئا له هدفا مباشرا .. أو حتى غير مباشر .. ولربما تكتب -كما تفعل غالبا - شيئا جميلا بلا هدف .. أو حتى غير جميل .. براحتها .. المهم أكتب وخلاص ..